لقد رغب النبي () أمته بمعرفة حقوق المسلمين مع بعضهم فقال (): حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصحه، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه.
وكما علمهم () حقوق المسلم علمهم حقيقة الخلق الطيب والميزان الذي يعرف به المؤمن الإثم فقال () لما سأله النواس بن سمعان عن البر والإثم فقال: البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس.
وكان () ينهى عن التناجي المؤدي للظن والحزن فقال: إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، من أجل أن ذلك يحزنه. وكان () يراعي أسباب الألفة والمحبة حتى في تبادل أمكنة الجلوس خشية أن يظن واحد أنه أفضل من الآخر فقال: لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا.
ومن الآداب قوله (): إذا عطس أحدكم فيقل الحمد الله وليقل له أخوه يرحمك الله فإذا قال له رحمك الله فليقل يهديكم الله ويصلح بالكم وقال () إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله.
وأما عن تربيته () للأمة وأمره بالبر وصلة الرحم فقال من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه، وقال () لا يدخل الجنة قاطع يعني قاطع رحم ورغب () في حب الجار بقوله والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه وجعل () من أعظم الذنب، أن يخون المسلم جاره في عرضه، قال () أعظم الذنب، أن تجعل لله نداً وهو خلقك، وأن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك، وأن تزاني بحليلة جارك.
ومن الكبائر شتم الرجل والديه، وقيل وهل يسب الرجل والديه؟قال ()، نعم يسب أبا الرجل، فيسب الرجل أباه، ويسب أمه فيسب أمه.
ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، وفي كل معروف صدقة، كما قال () لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق.
وزاد حثه () أمته على فعل الخير فقال (): إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك، وقال (): من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه، ومن دل على خير، فله مثل أجر فاعله.
وبين صلى الله عليه وسلم أن ظلم العباد كبيرة من الكبائر، قال (): اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح، فإنه أهلك من كان قبلكم، وقال رب العزة، في حديث قدسي، يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا كونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا ويشير () إلى صدره الشريف ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه.
ونهى صلى الله عليه عن سوء الأخلاق، من السباب والشتم، واللعان، والبهتان والمزاج الكاذب ليست من أخلاق المسلمين، قال (): لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا. وقال (): لا يدخل الجنة قتات، لا يدخل الجنة نمام، يمشي بين الناس، لنشر الفساد والشر، ويفرق بين الأحبة، وقال (): طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وذم () اللعانين فقال: إن اللعانين لا يكونون شفعاء، ولا شهداء يوم القيامة، وذم () كل من أضحك الناس بالكذب. الذين يمزحون بالكذب والإفك، قال (): (ويل للذي يحدثك فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له).
من مكارم الأخلاق، الصدق، حسن الظن، وكف الأذى وغض البصر، والحياء، والتواضع، والصدقة من حلال. قال (): عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق، ويتحرى الصدق، حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب، ويتحرى الكذب، حتى يكتب عند الله كذابا، وقال (): إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث.
وقال () حق الطريق: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحياء من الإيمان، ومما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى، إذا لم تستح فاصنع ما شئت. ومن مكارم الأخلاق التواضع، قال (): إن الله تعالى أوحى إلي، أن تواضعوا، حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد، وقال (): ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا خيرا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله تعالى.
المصدر : كتاب بلوغ المرام للحافظ ابن حجر، الأبواب الأخيرة من الكتاب
